منذ عدة قرون، كان وما زال السفر عبر الزمن حلماً مثيراً يراود خيال البشرية، فقد ألهمت هذه الفكرة العديد من القصص والأساطير والأعمال الأدبية والسينمائية.
ولكن على الرغم من الخيال الواسع وراء فكرة السفر عبر الزمن، فإن السؤال الأهم يبقى: هل تحقيق هذا الحلم ممكن؟ هل يمكن للبشرية فعلاً أن تتخطى حدود الزمن والمكان وتسافر إلى الماضي أو المستقبل؟
في هذه المقالة سنستكشف أبرز التحديات والمفارقات التي تقف عائقاً أمام البشرية في سبيل تحقيق هذا الحلم القديم.
1) المفارقة الأولى: مفارقة الجد
مفارقة الجد هي مفارقة زمنية تبدو على النحو التالي: إذا عدت بالزمن وقمت بمنع أجدادك من الاجتماع، أو قمت بقتل جدك أو جدتك، فلن يولد والديك، وبالتالي، لن تولد أنت أيضًا. وهذا يخلق تناقضًا واضحًا ويطرح هذا السؤال: إذا لم تكن قد ولدت قط، فكيف كان بإمكانك السفر عبر الزمن إلى الوراء لمنع اللقاء في المقام الأول؟ تسلط مفارقة الجد الضوء على التناقضات المنطقية المحتملة التي قد تنشأ إذا كان السفر عبر الزمن ممكنًا وتثير تساؤلات حول طبيعة السببية وإمكانية تغيير الماضي دون خلق مفارقات.
وبطبيعة الحال، لا تنطبق المفارقة على حالات قتل الجد فحسب، بل على جميع المواقف الافتراضية التي يعود فيها المسافر عبر الزمن إلى الوراء لمنع حدوث شيء ما. إذا نجحوا، ولم يحدث الحدث أبدًا، فلن يكون لدى المسافر عبر الزمن سبب للعودة وتغيير شيء ما.
2) المفارقة الثانية: مفارقة الأقدار
مفارقة الأقدار، والمعروفة أيضًا باسم الحلقة السببية، هي الحالة التي يصبح فيها الشخص الذي يسافر عبر الزمن إلى الوراء بقصد تغيير النتيجة، جزءًا من الأحداث الماضية. ومن المرجح أيضًا أن تكون لديه فرصة للتسبب في الأحداث الأولية التي ألهمت الشخص بالسفر عبر الزمن في المقام الأول.
وقد سُميت بمفارقة الأقدار لأن التاريخ يُقصد به أن يكون مقدرًا في هذه الحالة. لا يهم إذا حاول أي شخص تغيير الحدث الماضي، فسينتهي الأمر بتحقيق هذا الحدث. مثال على ذلك : رجل يسافر عبر الزمن ليمنع حدوث حريق شهير. أثناء وجوده في المبنى الذي اندلع فيه الحريق، اصطدم بطريق الخطأ بفانوس كيروسين وتسبب في نشوب الحريق، وهو نفس الحريق الذي ألهمه، بعد سنوات، بالسفر عبر الزمن.
تتحدى هذه المفارقة فكرة الإرادة الحرة وتشير إلى أن بعض الأحداث في الخط الزمني لا مفر منها، بغض النظر عن محاولات تغييرها.
3) المفارقة الثالثة: مفارقة المعلومات
مفارقة المعلومات أو مفارقة حلقة المعلومات، هي مفارقة نظرية للسفر عبر الزمن تحدث هذه المفارقة، عندما يصبح كائن أو معلومة تم إرسالها عبر الزمن للوراء الأساس لوجودها، يؤدي هذا إلى إنشاء حلقة بدون أصل واضح حيث لم يعد للعنصر نقطة أصل يمكن تمييزها، فيبدو العنصر أنه موجود دون أن يتم إنشاؤه بواسطة أي شخص. تُعرف أيضًا باسم المفارقة الوجودية، في إشارة إلى علم الوجود، وهو فرع من الميتافيزيقا يتعامل مع دراسة الوجود والوجود.
مثلا : لنفترض أن شخصًا يدعى جورج وجد المخطوط الأصلي لسلسلة أفلام شهيرة، فقرر السفر عبر الزمن وقام بإعطاء هذه المخطوطات لمخرج وكاتب أفلام شهير، والتي قام بعد ذلك بإخراجها واكتسب شهرة كبيرة بسببها، هذا الفعل من شأنه أن يخلق مفارقة معلومات، حيث أن النصوص ليس لها نقطة حقيقية للخلق أو الأصل.
قام العلماء بوضع العديد من الحلول النظرية لمفارقات السفر عبر الزمن، سنذكر بعضها في الأسفل، إلا أن هذه الأفكار تظل نظريات غير مثبتة وقابلة للتعديل والتغيير، ويظل السفر عبر الزمن موضوعًا للفيزياء النظرية والمناقشات العلمية.
1. اقترح البعض أن السفر عبر الزمن مستحيل بسبب المفارقات والتناقضات الذي يخلقها.
2. فرضية الشفاء الذاتي: إن تغيير أحداث الماضي بنجاح سيؤدي إلى إطلاق مجموعة أخرى من الأحداث التي ستؤدي إلى بقاء الحاضر على حاله.
3. فرضية "الأكوان المتعددة" أو "العوالم المتعددة": يتم إنشاء عالم موازٍ بديل أو خط زمني في كل مرة يتم فيها تغيير حدث ما في الماضي.