Update cookies preferences

إعلان الرئيسية

التعليم عبر الأجيال : لوح مسماري يظهر حياة الطلاب اليومية قبل 4000 سنة.


في بدايات التاريخ البشري، ازدهرت حضارة السومريين في منطقة ما يُعرف الآن بجنوب العراق، وكانت لديهم مساهمات هائلة في مجالات عدة، منها الأدب والعلوم والفنون. تعد المدارس السومرية من بين أقدم المدارس التعليمية في التاريخ البشري، وهي تمثل نقطة انطلاق مهمة لتطور التعليم والمعرفة.


إن وجود المدارس السومرية منذ أقدم العصور يُظهر أهمية التعليم في تقدم المجتمعات وثقافاتها، فقد ساهمت هذه المدارس في بناء أسس التعليم والتفكير النقدي وتعزيز الابتكار والإبداع. وعلى الرغم من مرور آلاف السنين، فإن تراث المدارس السومرية لا يزال يلهمنا ويشكل جزءًا أساسيًا من تطور التعليم والحضارة الإنسانية.



تاريخ المدرسة السومرية :



بعد تطور الكتابة في الحضارة السومرية واستقرارها، نشأت المدارس لتلبية حاجة المعابد والقصور السومرية إلى كتّاب ماهرين في التدوين. أصبح من الواضح ضرورة تدريب أجيال من الكتبة الماهرين في الحرفة لتلبية هذه الاحتياجات، لذا تأسست المدارس لتدريب نساخ ماهرين يقومون بتوثيق المعلومات المهمة في سجلات مخصصة لمكاتب الحكومة، والمعابد، وبعض المؤسسات الأخرى.


وصفت المدارس في التقاليد السومرية باسم "بيوت الألواح"، وقد كشفت بعثة فرنسية في مدينة ماري نموذجًا من هذه البيوت، حيث كان الطلاب يجلسون على مقاعد من الأجر، وكانت قوائم الكلمات تشير إلى وجود نظام تعليمي في الألف الرابع قبل الميلاد، وشكلت النصوص المدرسية التي عُثر عليها في شورباك السومرية، والتي تعود إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، دليلاً مباشراً على هذا الأمر. وتُظهر نهايات ألواح التمارين أسماء الطلاب وأسماء آبائهم، الذين كانوا يعملون في المهن الإدارية والقيادية بشكل رئيسي. 


ومن المرجح أن المعارف التي توجب على الطلبة إتقانها هي رسم (تخطيط) المقاطع الكتابية واللغة السومرية، ما يعني القدرة على الكتابة والقراءة. فقد توجب كتابة القصص التعليمية والحكم والأناشيد والملاحم المتداولة آنذاك. وكان مدير المدرسة السومرية يدعى (أب) المدرسة والطالب (ابن) المدرسة والمدرس ( الأخ الكبير).



وإذا تتبعنا نشوء المدارس السومرية فيمكننا أن نؤشر المراحل الآتية:



المرحلة الأولى:


عندما نبحث عن جذور المدارس السومرية، نجد أن المرحلة الأولى تعود إلى حوالي 3000 قبل الميلاد، حيث عُثر في مدينة أوروك على نحو ألف لوح صغير من الطين محفور عليها علامات كتابية صورية في مراحلها المبكرة. يُعتقد أن بعض هذه اللوحات كانت تستخدم لأغراض التدريب، ويُشير هذا الاكتشاف إلى نشأة المدارس الأولى بهذا الشكل البدائي في تلك المنطقة.


المرحلة الثانية:


في الفترة الزمنية حوالي عام 2500 قبل الميلاد، تم العثور في مدينة شروباك (فارة حالياً) بالقرب من أوروك على عدد كبير من الألواح الطينية التي كانت تُستخدم في التدريس والتعلم. 


المرحلة الثالثة:


في فترة تقريبية تعود إلى عام 2000 قبل الميلاد، بدأت تظهر تخصصات وطبقات مختلفة بين كُتّاب الألواح الطينية، مثل كُتّاب القصر، كُتّاب المعبد، كُتّاب الإداريين، وغيرها، مما يعكس تطور المدارس السومرية وتنوع الاختصاصات التي بدأت تظهر في ذلك الوقت.


المرحلة الرابعة:


تطورت المدارس في سومر بشكل كبير مع توسع نطاق التعليم، حيث بدأت تدرس العلوم والآداب بشكل متزايد. وجاء هذا التطور نتيجة لتبني الكتابة كتقليد ثابت في حياة الناس، ليس فقط بين المتعلمين ولكن في جميع أوجه الحياة اليومية.


التعليم عبر الأجيال : لوح مسماري يظهر حياة الطلاب اليومية قبل 4000 سنة.



ألواح الطلاب ومذكراتهم:



كان الطالب السومري مهتمًا بدراسته بشكل كبير وكان يؤدي واجباته بدقة واتقان. كان الطلاب يقومون بتسجيل واجباتهم على الألواح، ونقدم هنا ترجمة لبعض النصوص من هذه الألواح التي تظهر واجبات ومذكرات الطلاب :


اللوح الأول: 


«كنت أستظهر لوحي وآكل طعام غدائي وأهيئ لوحي الجديد لأكتبه وأكمله، ثم يعينون

لي درس الشفهي. وفي العصر يخصصون لي درسي المكتوب. وعندما تنصرف المدرسة أعود

إلى بيتي فأدخل الدار وأجد أبي جالساً هناك فأطلع أبي على درسي المكتوب ثم أستظهر

له لوحي. فيسر أبي لذلك... وعندما أستيقظ في الصباح الباكر أواجه أمي وأقول لها: أعطيني

طعام غدائي لأنني أريد الذهاب إلى المدرسة فتزودني أمي برغيفين، وعندئذ أشرع بالمسير

إلى المدرسة. وفي المدرسة قال لي العريف: 

«لم أنت متأخر ؟ ثم دخلت وأنا وجل خافق القلب في حضرة مدرسي، وحييته باحترام».


اللوح الثاني:


«كنت أقرأ لوحي وأتناول غدائي ومن ثم أحضر لوحي (الجديد) لأنتهي من كتابته

وقبل المساء كانت ألواح التمارين تجلب إلي وعندما أنصرف من المدرسة كنت أعود إلى البيت

وكنت أجد أبي جالساً هناك فأشرح لأبي ما يتضمنه لوح تماريني

وبعد أن أمثل أمام أبي كنت أقول: «أنا عطشان أعطوني ماء الأشرب

أنا جوعان أعطوني خبزاً لاكل اغسلوا قدمي وهيئوا فراشي

فإني ذاهب الأنام أيقظوني مبكراً لكي لا أتأخر وإلا اقتص مني أستاذي».



ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق