تعتبر سفينة الهولندي الطائر أحد القصص البحرية الشهيرة والغامضة، حيث تمزج بين الخيال والحقيقة. تاريخ هذه السفينة يعود إلى القرن الـ17، حيث يُزعم أنها كانت سفينة هولندية تجوب المحيطات بلا راحة. يرتبط اسمها بلعنة أبدية، مما يجعلها مثار اهتمام العديد من عشاق الأساطير البحرية. في هذا المقال، سنستكشف قصة هذه السفينة ونحاول فهم ما إذا كانت مجرد خرافة بحرية أم حقيقة مشوقة وراء هذا الحدث الغامض.
ما هي الأسطورة؟
كانت سفينة الهولندي الطائر جزءًا من أسطول سفن شركة الهند الشرقية الهولندية، التي كانت تبحر بين هولندا وجزر الهند الشرقية، وتحمل الحرير والتوابل والأصباغ وغيرها من العناصر الغريبة من آسيا إلى أوروبا. تعرضت السفينة لعاصفة أثناء عودتها إلى أمستردام.
اختلفت الروايات حول اسم ربان الهولندي الطائر. وفقًا للبعض، كان القبطان هو هندريك فان دير ديكن. كان الكابتن فان دير ديكن يعمل لدى شركة الهند الشرقية الهولندية خلال أوائل القرن السابع عشر(رقم)، في إحدى رحلاته وأثناء مروره برأس الرجاء الصالح، واجهت السفينة عاصفة شديدة، مما عرض السفينة لخطر الانقلاب. على الرغم من أن البحارة طلبوا من القبطان أن يستدير، إلا أنه أمر طاقمه بالمضي قدمًا. وفي نوبة من العناد والتحدي، أعلن أنه سيدور حول الرأس حتى لو عنى ذلك الإبحار "إلى يوم القيامة".
وبحسب القصة فإن هذا أثار غضب الله الذي عاقب روحه بحبسه في السفينة التي حكم عليها بالإبحار في المحيطات إلى الأبد، دون أن تجد راحة أو ميناء آمنًا..
وفي روايات أخرى سمعه الشيطان وحكم عليه بالإبحار في سفينته إلى الأبد. لكن الشيطان أعطاه مخرجًا لتخليص نفسه من خلال حب امرأة صادقة. ومن ثم، يُسمح للكابتن كل سبع سنوات بالقدوم إلى الأرض للبحث عن حبه الحقيقي الوحيد والعثور على الخلاص من خلالها.
![]() |
الهولندي الطائر بواسطة تشارلز تمبل ديوكس source: Wikimedia Commons/The Flying Dutchman by Charles Temple Dix |
مشاهدات السفينة
في حين أن الهولندي الطائر قد يكون مجرد أسطورة، تحذر الناس من الغطرسة والتهور في البحار، فقد ادعى الكثيرون أنهم شاهدوا سفينة الأشباح. ظهرت أول رؤية لها في عمل جون ماكدونالدز، في عام 1790. ومنذ ذلك الحين، اعتاد البحارة على تسجيل مشاهداتهم في دفاتر السجلات والمذكرات الشخصية.
وبحسب الروايات، فإن السفينة الشبح ظهرت وكأنها عالقة في العاصفة وعلى وشك الاصطدام بالصخور قبل أن تختفي في الظلام. رآها البعض تبحر عبر الضباب أو المياه الهائجة، بينما يدعي الكثيرون أنهم واجهوا سفينة الأشباح وهي تشق مياه البحر الهادئة.
تم الإبلاغ عن آخر رؤية للسفينة خلال الحرب العالمية الثانية. وفقًا للتقارير، شاهدت غواصة ألمانية، تحت قيادة الأدميرال النازي كارل دونيتز، الهولندي الطائر أثناء رحلتها عبر شرق السويس.
التفسير العلمي
مع بدء انتشار الأخبار حول رؤية الهولندي الطائر، كانت هناك جهود لفهم ما كان يحدث. وبينما فضل الكثيرون تصديق قصص الأشباح، ذهب البعض إلى تفسير هذه الحوادث تفسيرا علميا.
التفسير المنطقي الأكثر شهرة لهذه المشاهدات هو السراب، والذي يسمى أيضًا فاتا مورجانا. وفقًا للعلماء، هذه ظاهرة بصرية طبيعية تحدث بعد أن تؤدي الرطوبة والظروف الجوية جنبًا إلى جنب مع الضوء إلى صورة مشوهة للأجسام البعيدة. كما أنه يخدع العين لرؤية أشياء غير موجودة.
ويمكن رؤية هذه الظاهرة في البحر، أو على الأرض، أو حتى في الصحاري، حيث يمكن أن تشمل أي جسم بعيد تقريبًا. وهذا الوهم، في البحر، يجعل السفن تبدو بأشكال غير شكلها الطبيعي، فتارة يجعلنا نرى قارباً يطفو فوق البحر، وتارة أخرى نرى السفينة تبحر بالمقلوب!
![]() |
رسمة توضح ظاهرة فاتا مورغانا source: Wikimedia Commons/The American Museum journal (c1900-(1918)) (17540998903) |
في الثقافة الشعبية
ألهمت الأسطورة العديد من الفنانين، فقد قام العديد من الرسامين، مثل ذلك ألبرت بينكهام رايدر وتشارلز تمبل ديكس، بتصوير مشاهد تتعلق بالهولندي الطائر في أعمالهم الفنية. والعديد من الكتاب والموسيقيين مثل ريتشارد فاغنر، الذي كرّس إحدى أوبراته الأكثر شهرة، الهولندي الطائر (1843)، لهذه السفينة المخيفة.
وقد استمدت الثقافة الشعبية في القرن العشرين الإلهام من الأسطورة أيضًا، على سبيل المثال، ظهرت السفينة الملعونة مع قبطانها ديفي جونز في سلسلة أفلام ديزني "قراصنة الكاريبي".